ظلال بلا ملامح
ظلامٌ حالكٌ أحاطَ به، وسكونٌ أطبق على شفتيه.. بحث عن الزاوية المعتمة في نفسه... وافترش الوحدة غطاءً له في منتصف الليل... جلس عند جدار متهالك لم يقيه برد الشّتاء. فأغلق عينيه الملوّنتين بالضياع، وحبس جراحه، ثمّ غرق في بحر التفكير المتلاطم بمآسيه.
مدّ ذراعه ولوى عنقه على صخرة صمّاء لم ترأف به، والتحف السماء الملبدة بالغيوم، وصوت الريح الباردة تتأفف منه... يهزّ رأسه ثم يُطرقه.. ومضى شاردًا بخياله: "لماذا لا أكون معهم!".. يُنصت لصوت خفي يهمس له من بعيد: " حاول مرة تلو الأخرى.. وحاول أكثر وأكثر...".
مدّ ذراعه ولوى عنقه على صخرة صمّاء لم ترأف به، والتحف السماء الملبدة بالغيوم، وصوت الريح الباردة تتأفف منه... يهزّ رأسه ثم يُطرقه.. ومضى شاردًا بخياله: "لماذا لا أكون معهم!".. يُنصت لصوت خفي يهمس له من بعيد: " حاول مرة تلو الأخرى.. وحاول أكثر وأكثر...".
شعوره لم يهدأ؛ بل ازداد في فراغ الفقر. فدار جدل ملتهب مع تلك الأسئلة التي تغيب في إغفاءة، ورغم قصر اللحظة تنقضّ تهاجمه: " لماذا لا ترضى بذلك؟".
حاول عصر ذهنه واستجماع حواسه ليعرف الإجابة، التي ربما تثمر في قلبه مستقبلا ضائعا... صوت الريح العاتية يشتد أعلى من صوت تفكير طفل في الخامسة من عمره، حكّ رأسه، فافترسته الحقيقة. فلم يجد مناصا من أن يستمع للنغمة المتكررة كثيرا: " متسوّل".
نزف دموعه.. بلل يديه المرتجفتين... فتراكم القهر في عقله، وأكل الضعف من فؤاده، وتعبّأّت روحه بالظلام، حينما تذكر تلك الوجوه المفترسة التي تحوطه؛ لتشبع رغبتها من جمال محياه الذي أفل نوره.. وكلما حاول أن يستجديها بإلحاح صدقة يسدّ بها فوهة بطنه الخاوية؛ هاجمته تلك النوايا المتحجّرة، التي أيقنت بأن لا مفرّ من القدر إلاّ إليها!.
تصاعد الغبار من حوله، ونهض من شروده.. أوغل في ماضيه المجهول... وغاص في دوامة تفكيره من جديد، وتخيّل صوت أبيه الذي لم يسمعه مذ كان جنينا يخاطبه: " لاتصبح نسيا منسيا".
نفخ في رماد ذكرياته، وكبر حديثه الداخلي، وتاه في فكره.. ضوء شحيح داخله تراءى له، وسار وحيدا للحظات، والأفكار والرؤى تتصارع في داخله ... زلقت فكرة به نحو تلك الظلال التي تحاول اصطياده في لحظة ضعف مريرة، لاحقته.. وببراءة طفل أخذ يهرب ويهرب نحو مخرج يغير كل شيء في حياته، وأرهق نفسه دون جدوى.
سمع صرخة من بعيد، ولمح حشدا عنده، ورأى طفلا يدس رأسه ضمن الرؤوس، وعيناه تخترقان الصفوف تخاطبه: "لا تمت مثلهم".
حملوه مسرعين للمستشفى، أخذه الطبيب باسطا ذراعيه بانكسار ليداويه.. ثمّ تردّد قليلاً.. وقال: "من سيدفع علاجه؟".
حاول عصر ذهنه واستجماع حواسه ليعرف الإجابة، التي ربما تثمر في قلبه مستقبلا ضائعا... صوت الريح العاتية يشتد أعلى من صوت تفكير طفل في الخامسة من عمره، حكّ رأسه، فافترسته الحقيقة. فلم يجد مناصا من أن يستمع للنغمة المتكررة كثيرا: " متسوّل".
نزف دموعه.. بلل يديه المرتجفتين... فتراكم القهر في عقله، وأكل الضعف من فؤاده، وتعبّأّت روحه بالظلام، حينما تذكر تلك الوجوه المفترسة التي تحوطه؛ لتشبع رغبتها من جمال محياه الذي أفل نوره.. وكلما حاول أن يستجديها بإلحاح صدقة يسدّ بها فوهة بطنه الخاوية؛ هاجمته تلك النوايا المتحجّرة، التي أيقنت بأن لا مفرّ من القدر إلاّ إليها!.
تصاعد الغبار من حوله، ونهض من شروده.. أوغل في ماضيه المجهول... وغاص في دوامة تفكيره من جديد، وتخيّل صوت أبيه الذي لم يسمعه مذ كان جنينا يخاطبه: " لاتصبح نسيا منسيا".
نفخ في رماد ذكرياته، وكبر حديثه الداخلي، وتاه في فكره.. ضوء شحيح داخله تراءى له، وسار وحيدا للحظات، والأفكار والرؤى تتصارع في داخله ... زلقت فكرة به نحو تلك الظلال التي تحاول اصطياده في لحظة ضعف مريرة، لاحقته.. وببراءة طفل أخذ يهرب ويهرب نحو مخرج يغير كل شيء في حياته، وأرهق نفسه دون جدوى.
سمع صرخة من بعيد، ولمح حشدا عنده، ورأى طفلا يدس رأسه ضمن الرؤوس، وعيناه تخترقان الصفوف تخاطبه: "لا تمت مثلهم".
حملوه مسرعين للمستشفى، أخذه الطبيب باسطا ذراعيه بانكسار ليداويه.. ثمّ تردّد قليلاً.. وقال: "من سيدفع علاجه؟".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق